Résumé:
نجز إدوارد سعيد مشروعا معرفيا كبيرا يتمثّل في نقد الثقافة الغربية، يعتبر كتابه (الاستشراق) 1978، المرجع الأساسي الذي جسّد فيه رؤيته النقدية إزاء الطابع الهيمني للثقافة الأوروبية والغربية، كما جسّدتها الحركة الاستشراقية منذ القن الثامن عشر، وقد أبرز، من خلال تحليل الخطابات الاستشراقية، كيف انخرطت المعرفة في المشروع الاستعماري ثم الامبريالي، والتي كانت بمثابة الإطار المرجعي والمنهجي الذي سوّغ للاستعمار.
وقد اهتدى سعيد إلى مقاربة مختلفة في التحليل تتمثل في قراءة الاستشراق بوصفه خطابا، متكئا على أدوات تحليل الخطاب عند ميشيل فوكو. أمّا في كتابه (العالم والنص والناقد) فقد ركّز إدوارد سعيد إلى واقع النقد الأدبي في أمريكا، خاصة بعد مؤتمر جون هبوكنز (1966) الذي فتح النقد الأمريكي على النقد الجديد في أوروبا، وهو النقد الذي تميّز بنزعته النصية، وبمقارباته المنهجية الجديدة، التي ترتكز على مركزية النص، وعلى إلغاء التاريخ والظروف الخارجية التي تحيط بالنص.
لقد كان موقف سعيد صارما إزاء هذه التحولات التي وصفها بالخطيرة، والتي كانت تهدّد النقد في جوهره، وأكبر هذه التهديدات أن أصبح النقد ذا نزعة دينية وتصوفية. وأمام هذا التحوّل دافع سعيد عن الوعي النقدي، وتحديدا عن مفهوم النقد الدنيوي الذي هو نقد مقاوم للنزعة الدينية في النقد وفي الثقافة عموما. وفي كتابه (الثقافة والامبريالية) جسّد سعيد رؤيته النقدية لما يسميه بالوعي النقدي من خلال إعادة قراءة الرواية الأوروبية في علاقتها بالايديولوجيا الامبريالية، وكيف جسّدت الروايات المنظور التوسعي للثقافة الأوروبية. فكان منهجه يقوم على فضح العماء النقدي الذي أصاب النقاد الأوروبيين الذي رفضوا الكشف عن الأبعاد الامبريالية في أهم الروايات الأوروبية. وفي بعد آخر، كشف سعيد عن منهج جديد في قراءة وتأويل الرواية الأوروبية، ويسمى ذلك المنهج بالقراءة الطباقيةlecture contrapuntale))، حيث يقوم بقراءة الرواية الأوروبية من خلال الرواية المضادة لها. والهدف من ذلك، هو تحرير القراءة من الرؤية الأحادية، وانفتاحها على رؤى متعددة ومختلفة ومتناقضة.