الخلاصة:
بناء على أهمية الوثائق العامة بالنسبة لمتخذي القرارات والباحثين وللمواطنين، تظهر ضرورة التخطيط الصحيح لبناء نظم إدارة الوثائق في الإدارات المركزية بطريقة علمية ومنهجية من أجل ضبط هذه الوثائق وتيسير الاستفادة من هذا المصدر المعلوماتي الثمين للارتقاء بالأداء الحكومي في الدولة. في حين يلاحظ أن وضعية وثائق في الإدارات المركزية بالجزائر تعاني من عدة مشاكل تنظيمية وفنية ونقص في البنية التحتية والموارد البشرية الأمر الذي أظهرته عدة تقارير حول وضع الأرشيف في مؤسسات الدولة الجزائرية حيث أوضحت بأن وضع وثائق الأرشيف في حالة سلبية غير مطابقة للتشريعات والقوانين المعتمدة وبعيدة عن توقعات الدولة خاصة فيما يتعلق بتحديث أساليب وأدوات إدارة الوثائق وإدخال تكنولوجيا المعلومات وتطوير نظم إلكترونية لإدارة الوثائق، الأمر الذي انعكس سلبا على أداء الإدارات العمومية وعلى الذاكرة الوطنية.
وقد طرحنا في هذا المقام تساؤلا حول مدى توفر لدى المسؤولين والموظفين في الإدارات المركزية رؤية استراتيجية واضحة حول أهمية إدارة الوثائق وضرورة الاهتمام بتنظيمها بطريقة تضمن تحقيق الأهداف المؤسسية والتوافق مع التشريعات الأرشيفية في الجزائر؟ وما هي عوائق تطبيق نظام إدارة الوثائق في الإدارات المركزية بالجزائر؟ لكي نخلص إلى اقتراح الحلول المناسبة لتصحيح الوضع.
تهدف الأطروحة إلى تحليل الوضع الحالي للوثائق في الإدارات المركزية الجزائرية لمعرفة مدى التزامها بتطبيق التشريعات الصادرة عن السلطة الوطنية في مجال الوثائق والأرشيف وكذا مدى الاستفادة من المقاييس الدولية في مجال إدارة الوثائق. كما تهدف إلى تحديد النواقص المحتمل تواجدها في الإدارات المركزية وأسبابها وتداعياتها، واقتراح الحلول لها.
وقد خلص التحليل المنجز من خلال خطوات منهجية مستوحاة من المقياس الدولي أيزو 15489 الخاص بإدارة وثائق النشاطات وبالاستعانة بمقاييس أيزو أخرى، إلى وجود عدة مشاكل على الصعيد التخطيطي والتنظيمي والفني والتطبيق الميداني، لذا تم اقتراح استراتيجية للتجاوب مع نتائج التحليل والتوافق مع التشريعات الوطنية والمقاييس الدولية ذات الصلة، حيث تبين أنه من الضروري أن يشمل التخطيط مجالات تتصل بتطوير تشريعات من طرف المديرية العامة للأرشيف الوطني ونصوص تنظيمية داخلية وإعداد أدوات فنية وإجراءات عمل خاصة بالوثائق وتوفير البنية التحتية المناسبة لتنظيم وحفظ الوثائق وتوفير الموارد البشرية المتخصصة والمؤهلة وتبني التقنية الحديثة للإدارة الإلكترونية للوثائق.