الخلاصة:
يأخذ موضُوع دراستنا عنوان "إشكالية الحداثة في الخطاب العربي المعاصر؛ الخطاب اللّيبرالي والأصولي نموذجاً " وهو عُنوان يكشِفُ عن مدى حِدة الأزمة التي يُعاني منها هذا الخِطاب، نتيجة الصراع القائم بين مُختلف التيارات الفكرية المُعاصرة، خاصة التيار اللّيبرالي والتيار الأصولي، وكذا الخِلاف الحاصل على مُستوى المنهج ومَرجَعيته الفِكرية والحضَارِية، وطُغيان هاجس النمُوذج، والتوظيف الإيديولُوجي لهذا الخِطاب أو ذاك، فضلاً عن تجاهُل واقع المجتمع العربي بمختلف مؤشراته السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية.
هذه إذن هي مُحددات الخِطاب العربي المُعاصر بشقيه اللّيبرالي والأُصُولي، التي جعلت منه خطاب أزمة، يدور في حلقة مفرغة، إلى جانب المُحدد الثالث والمتمثل في الواقع المُعطل داخلياً والمُخترق خارجياً، الذي يُصّر على فضح الخِطابين وبيان تهافُتَهما، بسبب تلك العملية التجاوزية لهُ ولمُعطياتهِ السياسية والاقتصادية والاجتماعية/الثقافية، والقفز عليها مُلتمسين لنماذِج جاهزة لا تخضَع لبُعدي الزمان والمكان، فضلاً عن التمايز الحاصِل على مستوى الإشكالات الابستمولوجية والظروف الواقعية التي أسست لهذا أو ذاك، وهذا بلا شك تجاهل لحقيقة المرض الذي عطل/أقعد مُجتمعاتهم عن تحقيق أي تقدم ملحُوظ.
من هنا إذن، تظهر لنا جلياً طبيعة هذه الأزمة وجوهرها الحقيقي، من خلال هذه العلاقة التناقضية من حيث المنحى للخطابين اللّيبرالي والأُصولي من جهة، والعملية التجاوزية للواقع العربي بتجاهل قضاياه وإشكالاته الحقيقية من جهة أخرى.