الخلاصة:
لقد دفعت مسألة العقلانية الأداتية التي يقصد بها هربرت ماركيوز تحويل العقل الذي تنحصر ماهيته في تحرير الإنسان من قبضة الحتميات( النفسية، الإجتماعية-الإقتصادية...) التي تقيده، إلى عقل أداتي بين أيدي الحكم المؤسّساتي سواء في العالم الغربي الرأسمالي أو العالم الشرقي السوفييتي-يصنع به ما يدفع بمشروعه التسويقي إلى الرّقي و التطوير إلى درجة أن تم تحويل الإنسان إلى مستهلك، أكثر من ذلك، إلى بضاعة يفتقد لقيمه الإنسانية.
إنّ هذا النفق المظلم الذي سقطت فيه إنسانية الإنسان دفعت بالفيلسوف المعاصر هربرت ماركيوز أن يشكل نهج نقدي جديد يتجاوز به راديكالية نقد كل من هوركهايمر و أدورنو، حيث إستعان في بنائه بكل من المرحلة الثانية من الديالكتيك الهيجلي المتمثلة في السلب، التي ستؤدي وظيفة هدم النظام القائم و ما يدعو إلى تأسيسه، و التحليل الماركسي لمجتمعات الرأسمالية إبان القرن التاسع عشر، هذا و بالإضافة إلى إصلاحه بين هذه الحتمية التاريخية الماركسية و الحتمية البيولوجية الفرويدية. ثم في الأخير، نجده يلتفت الدّور المركزي لوظيفة الفن، و دور القوى الجديدة التي ستمارس مهمة التغيير و المتمثلة في فئة المهمشة و وعي الطلبة. كل هذا من أجل تشييد حضارة إيروتيكية يتم فيها تحويل التطور التكنولوجي فيما يخدم إنسانية الإنسان.