الخلاصة:
لقد كانت الدراسات اللغوية في أغلبها قائمةً على هدف نبيل؛ يتمثّل في خدمة القرآن الكريم وفهمه، لأنه ما من سبيل إلى ذلك إلا بفهم هذه اللغة التي نزل بها، لا سيّما عندما يقف الإنسان أمام كلمة من غريب القرآن، فلا يفهم معناها الذي تضمّنته، فعندها سيتوجّه مباشرة إلى المعجمات متوسلاً ضالّته فيها،هذه المعجمات التي كانت تشرح الغامض من المفردات في جميع ميادين الحياة، لأنّ المعجم ذو بعد ثقافيّ واجتماعي وديني، وعلى هذا الأساس عرفت بعض الميادين العلمية معاجم خاصّةً بها تشرح غريبَها وتوضّحه، وكان ميدان الفقه متقدّماً في هذا المجال ، فعنِي بمصنفات تشرح مصطلحاته ومفرداته على اختلاف مذاهبه،ولعلّ المصباح المنير للفيّومي أحد هذه المعجمات الفقهية التي تخصصت في شرح غريب ألفاظ الفقه الشافعي، غير أنه بخلاف بقية المعجمات المتخصصة قد اتّسم بصبغته اللغوية، نظرا لبراعة صاحبه في العربية، فأكثر فيه من ذكر المسائل النحوية الصرفية، وبسط النقاش فيها إلى حد كبير، حتى أصبح أقرب لمعجمات اللغة منه إلى معجمات الفقه.
وقد حاول هذا البحث أن يسلّط الضوء على هذه المباحث النحوية الصرفية التي اعتنى بها الفيّومي داخل معجمه، وفق منهج تحليلي وصفي، يبين منهجه وطريقته في عرضها، مبرزاً جهوده المبذولة في ذلك، من ترجيح ونقد وإضافات وانفرادات وغيرها. ومدى أمانته في النقل عن أئمة النحو والصرف، وكيف كان يناقش أقوالهم ويعرضها.