الخلاصة:
موضوع الاقناع وإن كان هو فعل الصورة الحجاجية، فإنّ الخطاب النبوي حقق هذا الفعل بواسطة قوى أفعال الكلام المنجزة من خلال العبارات وما تحققه من آثار ونتائج مهما كانت صفتها، فإنّ ايقاعها يبقى اقناع الآخر، وليس من باب احداث الغلبة لطرف على حساب الآخر، ولكن من أجل الحوار والتواصل. فإن الخطاب الإسلامي ( القرآن والحديث ) يفيد فائدة خبريةأو ينتج أحكاما، مما يفرضها على العقول وينفي التعارض القائم بين أطراف الخطاب الموجّه، ولقد اتضح الآن وفي ضوء المناهج المعاصرة أن ما كان يعتقد من العبارات المركبة بشحنة القبلية الغربية الحزينة على تاريخها المؤلف في صفحات التاريخ المظلمة والتي لا ترى للعيان بأنها أحكام مثبتة، إنما يثير إمكانية التفكير فيها بإعطاء النقيض الذي يجمل العقل، وإن ما بدا أنه أحكام قيمة أخلاقية يقصد بها إظهار الشعور العاطفي، أو إلزام نوع من السلوك، إنّما في طياته ملابسات الحكم الأخلاقي الذي تنطوي عليه ومراعاة مقامات المخاطبين بحسب فهومهم وعقولهم من أجل إقناعهم، فكثير من العبارات تتوسل الإقناع في صيغ مقنّعة لا تسفر عن حقائقها، إلا بإدراك العلاقات فيما بينها أو ممارسة آليات في الفهم والتلقي.