الخلاصة:
لقد شهد عالمنا موجة هجرة جماعية تعد الأكثر من نوعها من حوالي نصف قرن، هذه الهجرة التي كانت نتيجة لحراك اجتماعي شهدتها دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط. هذا الحراك الاجتماعي والانتفاضات الشعبية والتي سميت بالربيع العربي، كانت نتيجة لمجموعة تراكمات أفرزت تداعياتها نزوح الملايين من سكان هذه المناطق إلى العديد من الدول خاصة أوربا. هذه المسألة التي طرحت سلفا مشكلة الاندماج، والأقليات الأثنية، ومشاكل الإجرام والانحراف، هذه الفكرة التي كانت يعبر عنها بالمرجعية الحضارية، حيث نجد أنها تستفي توجهها من نظرية هنتنكتون حول الصدام الحضاري.
لنجد صامويل يشرح الطبيعة الداخلية للعالم، ويرى أن التقارب بين الشعوب يكون على أساس التقارب التاريخي والقيم المشتركة وطرائق التفكير وهوبالتالي يجمع الثقافات حول الأديان، وعليه فتوجهه العام يشير إلى أن تاريخ العالم يدفع ببعض القويات والثقافات لتدخل في مواجهة بعضها البعض، وبالتالي فهذه الثقافات سوف تؤلف المجموعات المتعادية سلفا. فالشعوب الأوربية بدورها لم تبد أي اهتمام بالاختلاف الحضاري والثقافي للشعوب الوافدة من الحضارات المغايرة على الرغم من الاختلاف الشاسع المسجل وعلى عدة أصبغة في هذا الصباغ بالذات سواء على مستوى المنظومة القيمية والأخلاقية، وكذا المؤسساتية.
وهذا الطرح بالذات يثبت النظرية المختلفة لمعالم عصرنا الحالي والتي تختلف على الصورة النمطية وما أفرزته من تمثلات حول صعوبة الاندماج والاستلاب والارتباك الهوياني في المجتمعات المستقبلة.حيث أن الشعوب اليوم أصبحت على قدر كبير من التقارب بفضل الانفتاح والتطور التكنولوجي والرقمي وكذلك المصير المشترك حيث أن الاحتكاك بين الدوائر الحضارية أصبح أكبر وتختزل فيه المسافات والأماكن.