الخلاصة:
أن أحداث الحياة الضاغطة اليومية تعد من احد هذه المظاهر الرئيسية التي تتصف بها حياتنا المعاصرة ، وهذه الأحداث الضاغطة ما هي إلا انعكاس للتغيرات الحادة السريعة التي طرأت على كافة جوانب الحياة. وقد أدى هذا التغير المتسارع والتحولات بالغة السرعة في الاقتصاد العالمي وانهيار الأيديولوجية الماركسية في الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوربا الشرقية وتعقد المدنية إلى خلق مواقف ضاغطة وموترات أجبرت الفرد على بناء نماذج سلوكيــة وقيميــــة واجتماعية متجددة تتفق مع متطلبات العصر وهذا كله يسبب قلقًا وتوترًا نفسيًا للفــرد. (جودة ،1998 ، ص2 )
وبالتالي لم يكن الإنسان بحاجة إلى فهم نفسه أكثر مما هو عليه الآن نظرًا لما يتعرض له من صراع نتيجة الفجوة العميقة بين تقدم مادي ، يسير بخطى سريعة..، وتقدم يسير بخطى حثيثة فيما يتعلق بالجوانب القيمية والروحية والأخلاقية من جانب آخر ولقد اتسعت معارف الإنسان المادية ، وازدادت سيطرته على الظواهر الطبيعية تزايدًا ملحوظًا ، وحقق إنجازات حضارية فذة. (القريطي، والشخص ، 1992 ، ص2) إلا أنها تحمل في طياتها أيضًا الكثير من الآلام والمتاعب النفسية ، والكثير من مقومات التدمير والتخريب ، وبالتالي الكثير من الشقاء الإنساني وهذا يستلزم بنا بناء للشخصية أقدر على مواجهة ضغوط هذا العصر ومتطلباته ، وأكثر استجابة لمقومات التقدم والارتقاء. (منصور ، 1982 ، ص65)
ولئن كانت الضغوط النفسية قضية العصر الذي يعيشها الإنسان في المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء إلا أن الشاب الذي يعيش واقعًا يتميز بخصوصية فريدة لا مثيل لها، لا شك يعاني من ضغوط نفسية واجتماعية واقتصاديه وسياسية فريدة من حيث النوع والكيف. ويتعرض الفرد في مختلف مراحل حياته لضغوط نفسية مختلفة الشدة ، نتيجة لما يمر به من أحداث وما يحيط به من ظروف ، وتختلف في تأثيرها والمواقف المسببة لها باختلاف الأفراد. ويواجه الشباب في مختلف مراحل حياتهم ضغوط نفسية مختلفة نتيجة للعديد من المتطلبات والأعباء الملقاة على عاتقهم ، فهناك المتطلبات الدراسية التي تتعلق بالاستذكار ، والتحصيل ، والامتحانات ، وهناك المتطلبات ذات الطابع الاقتصادي التي تتعلق بالرسوم والمصاريف الحياتية الباهظة التكاليف ، وبالرغم من أن هناك كثير من الدراسات قد أوضحت أن هناك علاقة سببية بين التعرض لأحداث الحياة الضاغطة والإصابة بالاضطرابات النفسية والجسمية ، إلا أنه يوجد أيضًا مصادر وعمليات تحمل وأساليب مواجهة تعد بمثابة عوامل مساعدة تمكن الفرد من التصدي للضغوط النفسية ، وبالتالي توفر له الاحتفاظ بالصحة النفسية. ( بوناماكي، 1988، ص 36 )
إن الإنسان في هذه الحياة يعيش دائماً تحت ضغوط مستمرة وذلك نتيجة طبيعيـة لتسارع وتيرة الحياة وكوجه من وجوه العصـر الذي نعيشـه الآن وذلك ما يدفع الكثيرين إلي تسميته بعصر الضغوط ، ولأنه لا توجد حياة بدون ضغوط تسمي أحياناً هذه الضغوط بالضغوط الحياتية أو أحداث الحياة الضاغطة بما فيها من ضغوط دراسية ونفسية ومهنيـة واقتصادية وأسرية وصحية .