الخلاصة:
يتطرّق هذا البحث لفكرة الهويّة وتشكّلها في المنفى، تلك المنطقة البينيّة حيث التواجد بين عالمين، حيث يتفاقم لدى المنفي ذلك الشّعور بالنبذ واللّااندماج في العالم الجديد من جهة، والحنين إلى الوطن الأوّل من جهة أخرى، ممّا يولّد لديه شعورا بالاغتراب واللّانتماء، وإحساسا باللّاستقرار وضياع الهويّة وانزياحها وازدواجها أو انشطارها بين عالمين، أحدهما متواجد فيه يصعب عليه الانخراط الكامل فيه، والآخر غائب لا سبيل له لإعادة مدّ جسور الانتماء له، فيظلّ ساعيّا إلى لملمة جراحه، في محاولة للتّصالح مع ذاته عبر مزج تجربتين وثقافتين مختلفتين، والمصالحة بين عالمين ظلّا يتنازعانه على مرّ السّنين، فيتوهّم انتماء مهجّنا إلى هويّة رماديّة، أو هي هويّة مركّبة ساهمت في تشكيلها جملة من الاختلافات والتّناقضات، وهي هويّة تترفّع عن كلّ نقاء هووي. رصدنا هذه التّيمة من خلال السّيرة الذاتية أو الفكرية لرجل عرف بثقله الفكري، وخاض في مشكلات مركزية تمسّ جملة من العلاقات سواء الأنا بالأنا أو الأنا بالآخر، وهو الباحث المفكّر"إدوارد سعيد" الذي ولد في القدس، وعاش حياته مرتحلا بين الأوطان، ألّف سبعة عشر كتابا منها "الاستشراق" و"الثقافة والامبريالية"، والكتاب الذي يهمّنا في دراستنا هو- خارج المكان- مذكرات-.