الخلاصة:
العنف ظاهرة تقوم على الاستخدام الفعلي للقوة قولا وفعلا، وقد اختلفت آراء الفلاسفة عبر العصور حول هذه الظاهرة. حيث قامت فلسفة أفلاطون وأرسطو والقديس اوغيستين على القيم الانسانية الخيرة، التي تنفي العنف ضمنيا في حين احتل العنف موقع الصدارة في العصر الحديث خاصة عند ميكيافيلي وهوبز وكارل ماركس وإنجلز وقد رفضت ارندت كل هذه الآراء، فعنف القرن العشرين حسبها يختلف جذريا عن عنف العصور الماضية، هي نظرة جاءت كردة فعل على تاريخ عاشته وعاينته بكل فصوله الواقعية. وعليه فالعنف عند ارندت أدواتي بطبيعته تعتمد فعاليته على درجة التقدم التكنولوجي ولا يجوز أبدا أن يكون مرادفا للسلطة لأن هذه الاخيرة شرعية في مقابل العنف الذي من المستحيل أن يجوز على الشرعية ساهمت في بروزه أنظمة توتاليتارية مشيدة تمخضت من أزمة الحداثة، ومن أهم نتائجه الحروب الشاملة والارهاب وفقدان الحقوق. كل هذا دفع بأرندت الى بناء حياة سياسية جديدة يكون فيه الانسان فاعل سياسي حر فكان منطلقها الحرية التي تعتبر جوهر السياسة، هذه الاخيرة لا يستقيم أمرها اللى في فضاء حر يميزه التعدد والتميز والاعتراف المتبادل بين عناصره وتغيب فيه أنماط الاقصاء والنفي كما قدمت ارندت فلسفة اخلاقية وتربوية فريدة محاولتا وصل الفكر بالفعل وقد ركزت على مبدأي التسامح والمسؤولية كمعيارين لمواجهة أزمة العنف، هذه القيم الاخلاقية لا يمكن ان تكون الى بالتربية التي هي عملية تنويرية تأهل التفكير وتنمي الاخلاق للارتقاء نحو أفق فكري مميز وانشاء مجتمع أقل بؤسا وعنفا.