الخلاصة:
على إثر الغزو الأوروبي لأراضيهم؛ احتّك العرب بمدارس الفكر الغربي ومناهجه، فقامت محاولات فكرية إصلاحية انطلاقا من سؤال التخلف، وأمام إخفاق مساعي التحديث التي تبناها جيل النهضة، وعجز الأفكار والأفعال التي تبناها الجيل الثاني من مصلحي وسياسيي عقل الثورة، انعطف الفكر العربي انعطافا إبستيمولوجيا، من خلال التحول عن سؤال التخلف ومظاهره وأسبابه، نحو نقد الذّات ونقد الثقافة الذّاتية وتحليلها، أي نحو وضع العقل موضع النّقد والتساؤل. حيث قام عبد الله العروي بنقد الأيديولوجية العربية المهيمنة على الفكر العربي، في محاولة جادّة لتزويد الفكر العربي بقيم ومنطق الفكر الحديث. إذ يتمحور مشروعه حول تحرير العقل من الدوغمائية والوثوقية والركون إلى الاطمئنان، من خلال العمل على إصلاح الثقافة عن طريق تنبيه المثقف (المفكر) إلى سرّ التقدم والتطور الإنساني. أين يجب النظر إلى أوروبا كحالة متقدمة لا كصورة سلبية يحتفظ بها العقل العربي في الذاكرة التاريخية، كما ينبغي استيعاب التجارب الفكرية التي حقّقت الحداثة، وهنا يركّز على الماركسية التاريخانية، وماركس الموضوعي، والمفكر الناقد، لذلك فمهمة المفكر تنحصر في نقد الفكر المهيمن وهدم النظم الفكرية والأيديولوجيات المغالطة التي كرّست حالة التأخر.