الخلاصة:
إنّ للنص القانوني أبعادا اجتماعية وتاريخية لا يمكن فصلها البتّة عن البعد اللغوي، فالقوانين والتشريعات الخاصة بكل مجتمع تعكس بصورة دقيقة تاريخ هذا المجتمع وتقاليده وطريقته في التعامل مع المشاكل الطارئة. وهذا البعد الحيوي في النص القانوني لا بدّ وأن يؤخذ مأخذ الجدّ عند الترجمة، بغية تجاوز المغالطة التي لطالما لازمت الترجمة القانونية والقائلة بأنّ الحرفية هي أنجع طرق الترجمة القانونية كونها تحافظ على المعنى، فاستراتيجيات الترجمة الحرفية -حقيقة- لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، لا سيما وأنّها تسمح بتمرير النص من لغة إلى لغة مع الحفاظ على أغلب سماته ومميزاته البنوية والدلالية والمعجمية، إلاّ أنّ الأمر لا يصح إلاّ إن تمت الترجمة بين لغتين تنتميان لنفس العائلة القانونية، أما إن تمّت الترجمة بين لغتين تنتميان لنظامين قانونيين مختلفين، فهذا أمر يتطلب مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار البعد التداولي للنص ووظيفته في الثقافة المستقبلة. وقد خصصنا هذه الأطروحة لتناول إشكالية الترجمة بين الإنجليزية والفرنسية والعربية وبين أنظمة الكومن لو والنظام اللاتيني الجرماني التي تختلف اختلافا جذريا، من خلال تحليل ترجمة القانون الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان.