الخلاصة:
يعد الزواج المختلط من أهم القضايا في المجتمع، لأنه يمثل حالة استثنائية من الزواج الذي يتم بين طرفين مختلفين في الجنسية والولاء السياسي والمرجعية الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية في بعض الأحيان، ولذلك فقد أجريت هذه الدراسة بمدينة يفرن الليبية، وهدفت إلى التعرف على حجم انتشار هذه الظـاهـرة في المجتـــــــــــــمع، و الكشف عن أهم الأسباب التي تدفع الليبيات إلى الزواج من الأجانب ، والمشكلات الناجمة هذا الزواج ، ولتحقيق هذه الأهداف تم استخدام منهج دراسة الحالة ، وتم اختيار عدد (6) حالات من السيدات الليبيات المتزوجات بأجانب عن طريق أسلوب عينة (كرة الثلج)، وتم جمع البيانات عن طريق المقابلة الشخصية مع الاستعانة بالبيانات المكتبية من واقع السجلات الرسمية بفرع الشئون الاجتماعية بالمدينة ، وتوصلت الدراسة إلى النتائج الآتية : أن هذه الظاهرة مازالت محدودة الانتشار في المجتمع، وأن تأخر سن الزواج من أهم أسباب زواج الليبيات من الأجانب، وكذلك تفكك الأسرة ، وضعف إمكانياتها المادية غالبا ما يدفع الفتاة إلى هذا الزواج ، كما أن لانتشار وسائل الاتصال الحديثة عبر الإنترنت دور في حدوث هذا الزواج ، أما عن أهم مشكلات الليبيات المتزوجات بالأجانب فقد تمثلت في عدم حصولهن على حقوقهن القانونية ، وحقوق أبنائهن بسبب عدم تمكنهم من الحصول على الجنسية الليبية ، وما يرتبط بها من حقوق مدنية كالحق في التعليم والرعاية الصحية المجانية وغيرها من الحقوق الأساسية ، كما أن ضعف دخل الأسرة ، وعدم وجود مصدر دخل ثابت للزوج أسهم في تدهور أوضاع الأسرة المعيشية والحياتية بصورة كبيرة ، والاعتماد في بعض الأحيان على مساعدة الجمعيات الخيرية بالمدينة. وتوصي الدراسة بضرورة معالجة أوضاع أبناء الليبيات المولودين في ليبيا والمقيمين بها لإدماجهم في المجتمع من خلال منحهم الجنسية وفق ضوابط أكثر مرونة ، بوصفهم يشكلون مكونا هاما من مكونات المجتمع ينبغي الاستفادة منه للنهوض بالمجتمع وتحقيق التنمية، و تفعيل دور وسائل الإعلام والتواصل المختلفة للتنبيه بالآثار السلبية لهذا النمط من الزواج ، و ذلك من خلال عقد الندوات وإلقاء المحاضرات التي يشارك فيها علماء الدين والشريعة والباحثين من مختلف التخصصات القانونية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية .