الخلاصة:
لقد بدأ المجال البحثي لعلم النفس القلبي (Cardiac Psychology) سنة (1959) عندما قام كل من "فريدمان" و"روزنمان" (Friedman & Rosenman) طبيبان مختصان في أمراض القلب باكتشاف نمط سلوكي "أ" (Type A Behavior Pattern) بحيث يتسم أصحاب هذا النمط من السلوك بالطموح والمنافسة الشديدة، والانشغال الزائد بالإنجاز وعدم الصبر والتململ أو عدم الاستقرار، والتعجل، ومشاعر التحدّي المزمنة، كما يشعرون بأنهم واقعون تحت ضغط، وتحدّي المسؤوليات، وضغط عامل الزمن كالقيام بعدة أعمال في وقت قصير، والتنبه الزائد..الخ، ويكشف هؤلاء الأفراد عن نسبة أكبر لحدوث الأزمات القلبية حتى عندما يوضع في الاعتبار الفروق في كل من: العمر، ومستوى الدهون في الدم، ومعدل التدخين، وضغط الدم. ولكن الباحثون على مدار الخمسة عشر سنة الفارطة، قد تخلوا إلى حد كبير عن العمل على نمط سلوكي "أ" الذي احتل الصدارة خلال الأيام الأولى لعلم النفس القلبي، فبدلا من ذلك أصبحوا يركزون حاليا على الدور الذي يلعبه عنصران أساسيان من السلوك "أ" ألا وهما: الغضب والعدائية في تطور مرض القلب التاجي، فلقد ركزت أبحاث علم النفس القلبي المبكرة على تحديد عوامل الخطر النفسية للإصابة بأمراض القلب والشرايين التاجية، إلاّ أن علماء النفس حاليا قد تخطوا هذا النوع من الدراسات الوبائية فبدءوا في اكتشاف حقيقة أن التدخلات النفسية قد تقي من الأحداث القلبية وقد تطيل العمر حتى، فهم بصدد اكتشاف مجالات جديدة بما في ذلك كيف تؤثر عوامل الخطر النفسية فعليا على القلب؟ وعليه نهدف من خلال هذه المداخلة تسليط الضوء على هذا التخصص الفرعي الفتي الذي قطع أشواطا كبيرة على المستوى العالمي في أمريكا تحديدا ولكن لا يزال يخطو خطواته الأولى فالجزائر إذ سنحاول تحديد ماهيته، كما ستعرض أهم عوامل الخطر المساهمة في ظهور وتطور أمراض القلب والشرايين التاجية، لنوضح فيما بعد تطبيقات علم النفس القلبي وكذا دور الأخصائي النفساني في مصلحة أمراض القلب.