الخلاصة:
السلطة والمعارضة في روايتي A Man of the people و Anthills of the Savannah ليشنوا أشيبي.
في هذه الرسالة ننقاش موضوع أزمة الحكم ومفاهيمه للسلطة والقوة في افريقيا في فترة ما بعد الاستقلال من خلال روايتين للروائي النيجيري شينوا أشيبي. الروايتان هما على التوالي Man of the people و Anthills of the Savannah. القضية المركزية التي تطرحها الروايتين هي أن نمو الدول الإفريقية بعد الاستقلال كان مرهونا بأشكال وتناقضات معقدة قد خلقت معنى من المعضلات الشخصية والاجتماعية للمفاهيم والهويات. توسعت الروايتان في قضايا اجتماعية وسياسية عولجت سابقا في رواية No longer at Ease، ولكنها واصلت لتعمّق التساؤلات الماضية بشأن التصادم الثقافي بين القيم المعرفية الإفريقية والثقافة الغربية المستوردة ونتائجها السلبية على الدول الفتية.
أكثر نقدا في هذه الروايتين هو التركيز على قضية الحكم وتأثيرها المدمّر على رجال السياسة الجدد والمسمّاة بالطبقة المثقفة التي وجدت نفسها بعد الاستقلال الوريث الشرعي للمستعمر القامع. ظهر أشيبي مؤكدا لمفاهيم فرانس فانون وادوارد سعيد، مفاهيم تاريخية واجتماعية عميقة الدراسة تبيّن العجز الكبير للمثقفين الأفارقة في رسم هيكل واضح المعالم للتواصل بين الماضي العقائدي والحاضر العصري من جهة، وكذا عجزهم أيضا لوضع صورة مترابطة لأنفسهم كممثلي للناس الضعفاء من جهة أخرى. رواية أشيبي A man of people قدمت أسباب ونتائج أزمة السلطة. سمحت الوضعية لأشيبي إبراز فشل المثقفين في تأسيس رؤية نظام مناسبة تستطيع أن تضم فهم واضح للوجود الاجتماعي.
في إتباع نفس الأفكار، رواية Anthills of the Savannah جاءت كتصور لحل متكامل للقضية المطروحة سابقا. انتقلت الرواية بتحدي لتعد بشيء جديد ومختلف من حيث البديل لتستنطق وتعّوض في نفس الوقت الحوار الفاسد للنظام السائد. مشروع أشيبي يتمحور في خلق من فوضى الفترة معتقد الأمة الدولة الذي سوف يكافح لاسترجاع مقل الأعراف الشعبية الماضية الضائعة، وليؤسّس من هذه الرواية الأخيرة مرجعا أخلاقيا عاما للأمة. هذا النموذج في عمومه يتطلب مبدأ قرامشي للاندماج الاجتماعي الذي يدعو إلى نطاق واسع لفلسفة المشاركة الوطنية، والتي تصاغ عبر إدراك عميق ومحسوس للوضعية الاجتماعية للجماهير.
لإكمال مشروعه الكلي بناء الأمة، قدّم أشيبي ضرورة إمكانية تأكيد السند الأخلاقي والكمال الثقافي للمرأة الإفريقية. موقف بياتريس ككاهنة لإلاهة الأرض في أساطير ايبوا، وكمرأة مثقفة عصرية لخّص سعي أشيبي إلى وضع نظام لتفكير راديكالي جديد قائم لتشكيل قوة اجتماعية أكثر إتحادا، أين تقف المرأة كجزء أساسي في المجال الكلي للسلطة. إتقان مشروعه، قدّم أشيبي تضمنا بأن الحل لأزمة الحكم لفترة ما بعد الاستقلال في إفريقيا يمكن تحقيقه ليس عبر استيراد نظريات صراع ومقاومة غربية. لكن عبر إصلاح مبنى على انسجام مع وقائع وتاريخ الارض. إن محاولته لتقدم مخططا إفريقيا نموذجيا في Anthills عبر مثال أسطورة الحكم العقائدي لشعب ايبوا هي إشارة للأهمية المستمرة للإسهامات المعرفية للمجال الاجتماعي والسياسي للحكم السائد.
من خلال كل هذا، حاولنا برهان أن إسهامات أشيبي لقصص ما بعد الاستقلال للتاريخ الإفريقي قد اتخذت مجالا جديدا من أجل بداية تاريخية حقيقية. وجدنا أنّ وسائله للوعي والتحليل الذاتي في اقتفاء قصته لمجتمع ايبوا، ظهرت فعالة ونقدية بقوة. في هذا الصدد اقترح نظام أشيبي لبناء الأمة بأن الشريعة الجديدة عليها أن تعتمد ليس فقط على إعادة التفكير راديكالي للعقيدة ولكن أيضا على إعادة تخطيط للأشكال التي تقدم فيها الثقافات الإفريقية. جوهريا، العقيدة لم تخاطب من أجل الرجوع لوجود أسطوري ولكن أساس بهدف استنطاق فجواتها الثقافية والتاريخية وإيجاد تصورا مناسبا للتجاوب بين الماضي العقائدي والتحديات المعاصرة التي تواجه القارة السمراء.
في النهاية نحاول قراءة مشروع أشيبي الروائي كقالب ثقافي متكامل لرصد الحياة الاجتماعية والسياسية في إفريقيا ما بعد الاستقلال. طبعا لا يستطيع الأحد منا نقد وسائله في معالجة مثل هذه القضايا الواقعية المعزولة بسهولة. ربما لم يمنح أي مخططات سياسية كاملة أو وصفات نظرية من أجل بناء اجتماعي وإتحاد سياسي، ولكن كشف التأثيرات السلبية للسلطة الفاسدة على الجماعات الضعيفة. كروائي، أشيبي متلهف أساسا إلى إلهام وعي شامل يمكن من تحقيق الأحلام الإفريقية في الوحدة والكرامة الاجتماعية.