الخلاصة:
إن الحملة الصليبية الأولى (1095-1099م) على بلاد الشام وتحقيقها للانتصار اللاّتيني، الذي نتج عنه كيانات جديدة بالمنطقة، لها أبعادها السياسية والاقتصادية، وحتى الاجتماعية والدينية. وأولى هذه الكيانات هي مملكة بيت المقدس الصليبية، فضلا عن وجود إمارات صليبية أخرى. وبما أن مملكة بيت المقدس، شكلت قلبا نابضا للاستيطان، فإن ذلك أكسبها أهمية وقوة ونفوذا. وفي ظل وجود النظام الإقطاعي، فإن ذلك قد أعطى دفعا قويا لعجلة الاستيلاء على الأراضي، هذه الأخيرة محور العملية الاستيطانية، وقوام الأنشطة الاقتصادية، التي تعد شريان حياة المملكة الناشئة. وبهذا بدأوا بتفعيل النشاطات الفلاحية تلبية لمتطلبات المجتمع الوافد، وذلك بمسايرة ما هو موجود بالمنطقة، خاصة وأنها ذات خصب. وبهذا أصبحت إقطاعات المملكة، تُنتج مختلف أنواع المنتجات الزراعية، وتربية مختلف الحيوانات. كما كان للنشاط الصناعي المتنوع دور في توفير مختلف الضروريات الصناعية للمجتمع الجديد بالمملكة. وبما أن الإنتاج متنوع زراعيا وصناعيا، أصبح من الضروري تفعيل التجارة بنوعيها، لتزويد الأسواق الصليبية بما يحتاجه المجتمع الصليبي.