الخلاصة:
لا تخرج المقامات عن الإطار الفكري الذّي رسمه المعتزلة، وذلك من خلال الإيمان بالأصول الخمسة التي دافعوا عنها في كل أعمالهم. لا تخرج موضوعات المقامات عن دائرة الوعظ و النصح و الإرشاد والتوجيه ،إذ سماها بعض الدّارسين بالنصائح الكبار. استثمر المؤلف إمكاناته اللّغوية والدّينيّة ليخرج عملا فنيا راقيا استطاع أن يؤثر في المتلقي،انطلاقا من توظيف الكاتب طاقته اللغوية ،خاصة في الجانب الإيقاعي الذي منح الكلام تدفقا صوتيا متميزا. تغيير النظرة إزاء النّصوص التّراثية مع إمكانية تحليلها ،و اكتشاف عناصر التميّز فيها،حيث وجدنا مقامات الزمخشري تحفل بطاقة لغوية تعبيرية وفنية ،استطاع أن يضاهي به أقرانه. يعد الزمخشري كاتبا وأديبا ملتزما من الناحييتين:الإيديولوجيا و الفنية والجمالية ،فهومن وجهة نظر الباحث أديب ملتزم بالدفاع عن عقيدة الاعتزال في ثنايا خطابه المقامي أما من الناحية اللغوية والفنية ،فلقد أتى بكل ماهو أنيق وجميل من حيث الألفاظ المترفة المنتقاة ، وهذا يعني أنه كاتب لامع تخطى حدود عصره ،ومجتمعه وخاطب الأجيال الللاحقة ،فمازالت مقاماته تتحدى الزمان والمكان ،وذلك نظرا لغزارة مادتها الفكرية واللغوية .