الخلاصة:
يفجّر هاجس الترّاث والحداثة ينابيع الكتابة في عدّة مشاريع فكرية عربيّة،إنها قضية العلاقة بين الماضي والحاضر،بين الإنسان المعاصر وتراث أسلافه الذين ينفصل عنهم بفارق زمانيّ كبير،ولعلّ التساؤُل حول نوع تلك العلاقة التي ينسجها النّاقد الرّاهن مع عطاء المتقدّمين،هي التي أغرت المفكّرين العرب في الإقبال على هذا الكم التّراثي الهائل بالتّحليل والمقاربة. ويعدّ "أدونيس"أحد أولئك المفكّرين الذين سعوا إلى إحداث تغيير جذري في الفكر العربي، ومن ثم في حياة المجتمع العربي بجميع مستوياته ،هذه الرؤية التي ترتكز على التغيير الجذري رافقت أدونيس منذ شبابه إلى يومنا هذا فالبحث في المجهول والتطلع إلى المستقبل وإعادة قراءة التراث قراءة نقدية ،كلها أفكار سيطرت على فكره ونظرته للحياة ،وإذا كان أدونيس شاعرا فهو شاعر فوق العادة لأنه مفكر من طراز خاص انطلق من التراث ليؤسس مشروعا فكريا خاصا به يسعى إلى هدم النظام المعرفي العربي السائد ليحل محله نظاما معرفيا فكريا جديدا ،يستجيب لمقتضيات العصر ومستجداته .ووجد أدونيس في مصطلح الحداثة الوقود الذي يحرك به جميع أجهزة هذا المشروع ،وهكذا أصبحت الحداثة الأدونيسية المنظار الذي يرى أدونيس من خلاله كل شيء ،إلى المفاهيم وإلى العلاقات وإلى المنجزات الفكرية وإلى الشخصيات ،فيكسبها طابعا خاصا غير مألوف