الخلاصة:
يتناول موضوع دراستنا "موقف نيتشه من الدين وانعكاساته على الفلسفات الغربية المعاصرة"، باعتبار أن المسألة الدينية لها أهمية كبيرة جداً في الطروحات الفلسفية الغربية الراهنة، إذ طُرحت المسألة هنا مع فيلسوف ثوري بامتياز لثورته ونقده الصريح لتعاليم الدين وترسانة القيم الغربية الحداثية، كون مشروعه الفلسفي في الأساس يهدف إلى قلب ألواح القيم خاصة الدينية منها، بداية بإعلانه الصارخ (لموت الله) في مختلف مؤلفاته، رغم أنه لم يكن السباق لهذا الإعلان، بل سبقه العديد من الفلاسفة الغربيين إلى ذلك أمثال؛ فولتير، كانط، دولباخ، فيورباخ، وغيرهم، إلا أن فكرة موت الله من جهة أخرى كانت متأصلة في الديانة المسيحية ذاتها، بمعنى أنها لم تكن مسألة جديدة على نيتشه، غير أن هذا الأخير أثار نعرات الموضوع بشكل مثير وراديكالي، فجعل الدين كرؤية للعالم، من منطلق التحليل الجينيالوجي النسابي. نقد نيتشه للدين عموما مكنه من خلق نمط جديد من القيم، والتنبؤ والتبشير بفاعل بشري جديد (الإنسان الخارق)، وهذه المنظومة المفاهيمية الجديدة لدى نيتشه أثارت اهتمام العديد من الفلاسفة المعاصرين غرب كانوا أم عرب، حيث تجلى ذلك في نماذج مختلفة من المشاريع الفلسفية الغربية المعاصرة، كأنطولوجيا هايدغر، وجينيالوجيا فوكو، وتفكيكية دريدا.