الخلاصة:
تعدّ مصر وتونس أنموذجا للبلدان الإسلامية التي تفاعلت بشكل إيجابي مع مستجدات القرن 19م ومتطلباته، ويظهر ذلك التفاعل بشكل جلّي من خلال ما يعرف بحركة التحديث. وهي حصيلة للمؤثرات والضغوط الأوروبية ووليدة الدعوات الفكرية التي نادى بها رجال الفكر والسياسة بعد تفطنهم لضرورة مراجعة بعض المفاهيم والقضايا الفكرية التي هي بحاجة إلى إعادة نظر. فضلا عن الجهود المبذولة من قبل السلطة الحاكمة لتجسيد المشروع التحديثي انطلاقا من وعيها بمدى ضرورة التغيير والتجديد.
وفي ظل هذا السياق؛ جاءت هذه الدراسة لإبراز مدى استجابة مصر وتونس للمعايير والقيم الجديدة الوافدة إليهما من الغرب الأوروبي، وكيفية تكييفهما لتلك المؤثرات مع الظروف الداخلية المحيطة بهما، من أجل توفير بدائل للنظام القديم الذي أثبت عجزه وفشله، بنظام جديد يستطيع الصمود أمام التحدي الغربي في ظل الحركة الاستعمارية. مع محاولة تقصي أوجه التشابه والاختلاف في درجة الاستيعاب بين مصر وتونس للتحديث في جميع ميادين الحياة.