الخلاصة:
شهدت فترة العصور الوسطى المتأخرة أزمات ونكبات عديدة، بالأخص في القرن الرابع عشر الميلادي والذي اصطلح عليه المؤرخون بعصر النكبات، إذ حامت سحابة سوداء على أوروبا الغربية أمطرتها بوابل من الأزمات: السياسية، الدينية ،الاقتصادية والاجتماعية، زعزعت استقرارها وعمت المجاعات والأوبئة التي عصفت بالفرد الأوروبي وكادت تمحيه من الوجود، وخاصة الوباء الأسود أو الطاعون الذي أتى على ثلث سكانها،إذ يُعتبر وباء الطاعون أو الموت الأسود من أشد الأمراض فتكا لسرعة انتشاره ومدة عدواه التي لا تتجاوز خمسة أيام، بل إنه في بعض الحالات يقتل المصاب في اليوم الواحد، وبهذا يرتفع عدد الضحايا بشكل مروع في ظرف وجيز،وقد انعكس الوباء على كل المستويات حيث أُصيب الاقتصاد بالشلل، ولم يعد للحياة طعم بعد أن ألبسها الطاعون رداءه الأسود، أما دينيا فقد أقر الناس بأن الوباء هو عقاب من الله على ذنوبهم فظهرت جماعة تجوب المدن معلنة توبتها بطريقة أثارت امتعاض الكنيسة، أما ثقافيا فقد أثَّر الفزع على نفسية الناس فخرجوا إلى الطرقات يترنحون مجسدين ما عُرف برقصات الموت.