الخلاصة:
تتناول هذه الورقة، المنهج الذي اتبعه المفكر السوداني، الشهيد، محمود محمد طه، في دعوته لتجديد الفكر الإسلامي، وتحاول إيضاح أن ما قام به من اجتهاد مثّل "نقلةً مفهومية"،paradigm shift . فاجتهادات السلف، تأسست على أن الاجتهاد لا يكون إلا في ما ليس فيه نص. فلا اجتهاد، حين يكون هناك نص قطعي الثبوت والدلالة. يرى محمود محمد طه أن الحياة الحديثة قد كبرت طاقاتها، وتغيرت حاجاتها، فأضحت بعض النصوص قطعية الثبوت والدلالة، نفسها، لا تناسبها. فقتال غير المسلمين، وحقوق أهل الذمة، غير المساوية للمسلمين، والرق، وحقوق المرأة غير المساوية لحقوق الرجل، وغير ذلك، قد قامت، جميعها، على نصوص ثابتة، قطعية الدلالة. جاء محمود محمد طه بفكرة أن القرآن المكي يمثل أصول القرآن، وأن القرآن المدني يمثل فروعه. فالقرآن المكي هو الذي ينص على الإسماح، وعلى الحرية، ومن ثم على الديمقراطية، وعلى المساواة التامة، في الحقوق والواجبات؛ بين المسلمين، وغير المسلمين، وبين الرجال والنساء. فأحكام آيات الفروع (القرآن المدني)، ليست سوى وضع انتقالي نحو تطبيق الأصول، (الآيات المكية)، وذلك، حين يحين وقتها؛ ويتأهل لها البشر، بتقدم الحياة، وبنمو المعارف، وتطور المجتمعات. لذلك، هو يرى أن مشكلات الحياة الحاضرة، ومعارفها، وسائر أوضاع مجتمعاتها، قد تخطت، من الناحية العملية، أحكام الآيات المدنية. لذلك هو يرى، أن التصدي لتحديات الحاضر، إذا أردنا أن يكون الدين الإسلامي مرتكز حضاريًا للنهضة، وهو أمر لا معدى منه، لن يتسنى إلا بنسخ أحكام آيات الفروع، وإحكام آيات الأصول.