الخلاصة:
تقول القاعدة إن لا تاريخ بلا وثائق، وإذا وجدت المصادر وجد التاريخ، وإذا انعدمت انعدم، وعلى ضوء ذلك، فإن دور المحفوظات، تحتفظ بكم مهم من الوثائق الأرشيفية التي يمكن أن تأتي بالجديد، أو توضح المبهم، أو تأكد المعروف. إن معظم وثائق الجزائر في الفترتين العثمانية والفرنسية لا تزال محفوظة في دور الأرشيف الفرنسية، وقد قمت منذ مدة ببعض الأبحاث هنالك، وعثرت على عدد مهم جدا من الوثائق المتنوعة، والمكتوبة بمختلف اللغات سواء العربية أو العثمانية وكذا بمختلف اللغات الأوربية وخاصة الفرنسية. وهذه الوثائق على درجة كبيرة من الأهمية التاريخية؛ ذلك أنها تلقي أضواء على صغائر الأمور، والتي يمكن أن توضح أحداثا مهمة، أو تجلي الرؤية عن اتجاه الأحداث التاريخية. كما ويمكنها أن تضعنا بأسلوبها في روح العصر. وباعتبار أن معظم ما نحن بصدد نشره، كُتب كرسائل، تعطي وجهة نظر كاتبيها، لا كوثائق تأريخية، مما زيد في موثوقيتها ومصداقيتها في تأريخنا لتاريخنا قبيل الاحتلال الفرنسي وبُعيده. تلك الفترة التي شهدت أحداثا مأساوية، وعرفت تغيرات مصيرية، وتَحدَّد فيها مصير البلاد والعباد. إن الوثائق التي نُقدم على نشرها، وتقديمها للقارئ الكريم، يمكن للباحث المتمعن أن يستقرئ منها الكثير في تحليله للوقائع، التي يريد إعادة التأريخ لها؛ في إطارها الزمكاني، وفي بعدها الوطني، وفي عمقها النقدي.