الوصف:
مقدمة :
يعتبر موضوع النهضة من أهم القضايا التي اهتم بها الفلاسفة و المفكرون
وأقطاب الفكر العربي المعاصر .وشكل النقاش الدائر حول خلفيات المشاريع النهضوية
في الفكر العربي المعاصر,دعامة و دافع أساسي للمشتغلين بالموضوع من أجل إب ا رز
مدى حاجتنا إلى مشروع نهضوي يؤسس لنظرة جديدة للإنسان خاصة في الفكر العربي
المعاصر,لذلك فالاهتمام بموضوع النهضة ليس وليد اليوم, لكن التحولات الفكرية
ال ا رهنة و المحيطة بنا دفعت العديد من المفكرين إلى التعريف أكثر بالموضوع وإب ا رز
مدى فاعليته,كمعطى جديد قائم على معادلة فكرية ومفاهيمية .
من هنا يمكن القول إنه و بعد معاناة المجتمعات العربية و الإسلامية من
ويلات الاستعمار العسكري والثقافي و الغزو الفكري في كل المجالات,كان ل ا زما على
النخب المشتغلة بالحقل المعرفي و الفلسفي البحث عن إطار يوحد أفكارنا ضمن قوالب
لغوية وفكرية بعيدة عن أشكال الهيمنة و الاحتكار الهادفة إلى تأسيس فكر ووعي
نهضوي وفق مشروع جامع وهذا ما يطلق عليه اسم المشروع أو الفكر النهضوي.
ومن ثم فإن الحديث عن المشاريع النهضوية العربية والإسلامية في العالم
العربي الإسلامي عامة و في الج ا زئر تحديدا ، يدفعنا إلى السعي إلى إيجاد حلولا بناءة
لأسباب فشل المشاريع النهضوية الإسلامية والعربية .
ذلك أن السؤال النهضوي الذي طرحه المفكر شكيب أرسلان: " لماذا تأخر
المسلمون.. وتقدم غيرهم؟ "يتردد على امتداد هذا القرن، ويعاد انتاجه وتوظيفه في
عملية البحث عن إجابة نهضوية. فقد كان السؤال ضرورياً لتحديد جذور المحنة في
الأمة وتشخيص أدواءها وتلمس أصول النهضة وشروطها، ولكن المتأمل بعد مرور
ق ا ربة مئة وخمسين عاماً على المرحلة التأسيسية لتداول الفكر النهضوي فإن النتائج
التي أسفرت عن حركة التداول كانت مدمرة.
2
وها نحن اليوم نعبر إلى القرن الواحد والعشرين ونحمل معنا نفس السؤال
النهضوي الأول، دون أن نحاول تفكيك سر الإخفاقات التي جابهت مشروع النهضة،
بل نحاول تفكيك التشابكات المرجعية، والتي ما زلنا نشهد تدفق ثنائياتها: القديم و
الجديد، والأصالة و المعاصرة، الأنا والآخر.. لتنشأ على وقع التشابكات هذه سلسلة
من التساؤلات حول الاشكالية النهضوية التي ظلت دون إجابة حاسمة.
لقد دأب غالبية مثقفي النهضة في المشرق العربي على ق ا رءة (النهضة) من
ا زوية معرفية خالصة، امتثالاً لشروط النهضة الأوروبية وم ا رحلها، فوقفوا على العلاقة
المطلوبة بين الفكر والنهضة الاجتماعية مسترشدة بالولادة الأوروبية الجديدة منذ عصر
التنوير وحتى الثورة الصناعية الكبرى، فاحتسبوا ذلك التسلل النهضوي (قانون اً) عاماً
وحتمياً على مشاريع النهضة قاطبة فهل سلك أعلام الفكر الج ا زئري المنهج نفسه ؟
من هنا تبرز أهمية هذا الموضوع وتتجلى في عدة جوانب منها حاجة
المجتمعات العربية عامة و المجتمع الج ا زئري على وجه الخصوص إلى مشروع
نهضوي فعال يتحرر من خلاله ويعمل على تأسيس بعد معرفي وابستمولوجي في
معالجة القضايا ال ا رهنة المرتبطة بالوعي والثقافة والتربية والسياسة والاقتصاد والتعليم
والمنظومة الأخلاقية ، وانعكاساتها في المخيال الثقافي والسياسي العربي ,فالحديث
عن وجود أهمية لموضوعنا الذي نسعى إلى تحليله والخوض فيه يقودنا إلى إب ا رز دور
الثقافة والتربية في التخفيف من الص ا رع التواصلي والإيديولوجي الذي نعيشه سواء في
علاقتنا مع أنفسنا أو في علاقتنا مع الأخر,خاصة إذا علمنا بوجود تيار ديناميكي
جارف يعصف بهويتنا ويهدد قيمنا الأخلاقية في ظل تطور رقمي وعلمي وتكنولوجي
جعل من العالم قرية واحدة مع تعدد الثقافات والهويات وقرب المسافة وحصر دور
الدولة مع التنويه بغياب مشاريع جادة في ظل ف ا رغ ثقافي وص ا رع إيديولوجي أثر على
بنية المجتمعات العربية والج ا زئرية بصفة خاصة هذا أولا .
3
ثانيا تتجلى أهمية هذا الموضوع في أن التفكير في مشروع نهضوي فكري
ج ا زئري هادف وبناء يعتبر ضرورة ملحة من أجل تجنب الوقوع في خطاب إقصائي
قائم على الفوضى الفكرية .
من هنا دعت الضرورة المنهجية إب ا رز إسهامات مفكري الج ا زئر في
التأسيس لمشروع نهضوي خاضع لأطر صحيحة سواء على الصعيد الاقتصادي أو
الأخلاقي والثقافي فضرورة منح الفرص لإب ا رز قد ا رت المجتمع من شأنها التقليل من
مشاكلنا المرتبطة بالتواصل والايدولوجيا,فأصبح من الضروري العمل على تعزيز
القد ا رت الفردية وطرح أفكار جديدة قائمة على استغلال الثروات والطاقات والاستفادة
منها.
ونحن اليوم، وبعد الضربات الموجعة التي أصابت المشروع النهضوي في
العالم العربي أو في الج ا زئر حقا لنا أن نصيغ الإشكالية التالية :
هل يمكن الحديث عن مشاريع نهضوية حديثة في الج ا زئر ؟ إن وجدت ماهي
مقوماتها وأسسها ؟ ماهي الأبعاد الفلسفية التي تؤسس لمقومات هذا الفكر
النهضوي في الج ا زئر وماهي تداعياتها وامتداداتها ؟ وما مدى مساهمتها في تغيير
الواقع الجزائري المعاصر بمختلف أبعاده المعرفية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية
والتربوية والحضارية تحديدا ؟
وفي سبيل معالجة الإشكالية المطروحة اجتهد أعضاء الفرقة في تقديم
أطروحات متنوعة وثرية وفق الخطة العامة لهذا المشروع .
مسوغات المشروع النهضوي في العالم العربي والظروف التاريخية لميلاد النهضة