الخلاصة:
يمثل النقد السوسيوثقافي الأرضية الفكرية التي تقوم عليها المجتمعات الحضارية
الحديثة والمعاصرة، بذلك تشير هذه الأرضية إلى مستوى تحضر هذه المجتمعات
وتمدّنها، وهكذا كانت التنظيرات الفلسفية والاجتماعية محاولة لفهم الديناميكية
الاجتماعية في إطار المؤسسات المدنية الفاعلة في إطار النشاط الثقافي الذي تعيشه هذه
المجتمعات بغرض شرح الراهن بحمولته التاريخية للاستشراف للمستقبل.
إن هذه الممارسة النقدية التي شهدتها الدول الحديثة والمعاصرة في الغرب أسهمت
بشكل واسع في تنظيم الحياة الاجتماعية على مختلف المستويات؛ بداية من التنظيمات
السياسية الديمقراطية التي اثمرت بالديمقراطيات التشاركية والعدالة الاجتماعية داخل
هذه المجتمعات، إلى تنظيم الممارسة الدينية وفصلها عن أمور الحياة العامة للأفراد،
إلى تطور اقتصادي وتحقيق الرفاه لمجتمعاتهم... من هنا كان التفكير في ترجمة هذه
الأفكار ومحاولة تبيئتها ضمن الخصوصية العربية الإسلامية من أوليات هذا العمل،
وهو ما نعمل عليه في مساءلة جملة من المشكلات التي تشكّل في مضمونها تبيئة للنقد
الثقافي. كما جاءت إشكالية هذا المشروع في حدود أهمية النقد السوسيوثقافي وإمكانات
تحقيقه في البيئة الغربية والعربية ضمن أشكلة متمثلة في ما يلي: كيف أسهم النقد
الثقافي في تحقيق مشروع المجتمع المدني في الغرب؟ وما أهم هذه المشاريع
والنظريات والتأسيسات التي يمكن أن نتحدث عنها هنا؟ وإلى أيّ مدى يمكن ترجمة
مثل هذه المشاريع إلى واقع في بيئاتنا العربية الإسلامية؟