الخلاصة:
- إن المذهب المالكي من الناحية التاريخية ، من خلال تطوره ، و إنتشاره ، يشد انتباهنا كظاهرة دينية متميزة ، و فريدة من نوعها ، يختص بها شعوب المغرب العربي ، فمن المعروف أن المذهب المالكي نبغ في بداية تكوينه بالحجاز ، غير أن سرعان ما تقلص نفوذه في الحجاز موطن نشأته ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى أن المذاهب الفقهية الأخرى – ماعدا المذهب المالكي بالمغرب العربي – هي الأخرى تقلص نفوذها ، و أضمحل وجودها بعد إنتشارها بزمن طويل ، في حين إنتشر المذهب المالكي بالمغرب العربي ، و توطدت أركانه ، حتى أصبح المذهب السائد و المهيمن هناك .
فالمذهب المالكي كظاهرة دينية ذات أبعاد اجتماعية من بين أهم الظواهر التي تستحق الدراسة ، والتي يجب الوقوف أمامها مليا ، فالمذهب المالكي لطالما عرف به تاريخ المغرب الإسلامي وارتبطت به شعوب المنطقة ارتباطا وثيقا ، حيث شكل مظهرا من مظاهر الوحدة المذهبية والاستقرار الاجتماعي والسياسي وفق أصول مذهب الإمام مالك ، وأضحت هذه المنطقة تعرف به والي من بينها الجزائر .
فتوظيف الدولة الجزائرية للمذهب المالكي و إعتباره المرجعية الدينية و الفكرية ، و أحد الثوابت الوطنية محاولة الإستنجاد به مجددا – لا نعي ذلك – مالم نفهم ، و نغوص في الأسباب الحقيقة لهذه العودة القوية ، و من غير الممكن فهم و استيعاب و تحليل الظواهر الدينية بمعزل عن سياقاتها التاريخية ، والسياسية ، والإقتصادية ، و المجتمعية ، إذ لا وجود لظاهرة دينية ، إلا و هي في الوقت نفسه هي ظاهرة إجتماعية ، يجب تحليلها ، و الوقوف عندها مطولا .وهو هدف الدراسة الحقيقي .