الخلاصة:
عرف الشمال الافريقي عامة تداول الحضارات وتعاقبها مؤثرة ومتأثرة، فقد ذكرت المصادر القديمة ان مناطق الشمال الافريقي كانت مسرحا لأغلب الاحداث التاريخية وأرضا خصبة لبناء المعالم الحضارية، الأمر الذي أدى إلى تنوع الثقافات والمخلفات الأثرية التي تراوحت بين ما هو محلي وأجنبي. ومما لا شك فيه أن أي شيء يصنعه الإنسان ما هو إلا انعكاس للوسط الذي يعيش فيه، وعن طريقة تفكيره، هذا الأمر الذي سهل للباحث الأثري في البحث والتقصي عن حقيقة هذا الإنسان القديم، وذلك من خلال مخلفاته الأثرية التي ما زالت منتشرة في المواقع الأثرية او المعروضة في المتاحف. من بين هذه المخلفات او المعالم الاثرية التي كانت محور دراستنا هي المنشآت العلاجية المنتشرة في شمال افريقيا، إذ تعتبر هذه المعالم الأماكن الخاصة بالتداوي من بعض الأمراض، او الأماكن الخاصة بأداء الطقوس الدينية ، وما لا يخفى ذكره حول علاقة الانسان القديم و ارتباطه الوثيق بمعتقداته وخوفه من الموت، لذا كان يكرس كل ممتلكاته وحياته تكريما لمعبوداته حتى يتفادى سخطها وغضبها عليه، الامر الذي طرح استفهامات كثيرة فيما يتعلق بالوظيفة الاصلية التي انشأت لها مثل هذه المعالم و سبب الانتشار الواسع لها ؟ كما تجدر الاشارة إلى أنّ هناك البعض من هذه المعالم العلاجية التي ما زالت محافظة على وظيفتها العلاجية ومخططها العمراني، مثل حمام الصالحين (خنشلة)، حمام الدباغ (قالمة) ...الخ.