الخلاصة:
يعتبر العصر العباسي عصر التنوير وعصر ثورة علمية وفكرية غيرت وجه التاريخ. إذ ازدهرت كل البلاد الإسلامية بفضل الانفتاح على الآخر، وبفضل برامج رعاية الخلفاء والأسر النبيلة للعلوم، وتمويل وتشجيع مشاريع الترجمة، التي نقلت عصارة ما جادت به الحضارات القديمة، كالحضارة الفارسية والهندية واليونانية من علوم وفنون. غير أنّ العصور العباسية المتأخرة، شهدت اكتساح أهل السنة ومتطرفي السلفية للمشهد الفكري، وقد أدى ذلك إلى تراجع في طلب العلوم والفلسفة، نتيجة تكفير المشتغلين بها، مما أدى إلى تغيّر في التصور الجمعي لطريقة البناء الحضاري، وهو ما نلمس أثره لغاية اليوم. ونحن إنما نسعى من خلال بحثنا هذا تسليط الضوء على دور الترجمة في النهوض الحضاري، ومدى أهمية التنوع الثقافي والتسامح مع الآخر والذي يعدّ أهم روافد الغنى المعرفي، وسلطنا الضوء على وقائع مفصلية في نهاية العصر العباسي أدت إلى تراجع العلوم عند العرب نتيجة ردة فعل الغلاة من أهل السلف التي شكلت أولى تجليات أزمة العقل العربي.
The Abbasid Era is considered the Age of Enlightenment of Islam as well
as an intellectual revolution that changed the course of history. Many large cities flourished across the empire thanks to the early Caliphs who championed the
cause of knowledge, through mega translation projects of science, astronomy,
mathematics, and philosophy from Greek, Pahlavi and Hindu sources, as both
Muslim and non-Muslim scholars sought to translate and gather millennial
knowledge into Arabic.
Unfortunately the late Abbasid Period was marked by the rise of many
Sunni and Salafi fundamentalists, who saw in transferred science and philosophy
from ancient texts a corruption of the Muslim mind. As a result a huge number of
Muslim scholars were excommunicated sometimes tortured, banished or even
murdered, which led to reversing every tendency towards critical thinking and
scientific method.