Abstract:
لطالما كان التعامل مع ثقافة الآخر عند الترجمة أمرا شائكا حيث يختبركل مجتمع التجربة الإنسانية من زاوية معينة وبمعطيات مختلفة ويملك بالتالي نظرة "خاصة" للعالم تتجلى و تنعكس حتما في اللغة التي يستخدمها أداة للتعبير، ومن هذا المنطلق نتحدث عن ترجمة البعد الثقافي ونقول بأن الثقافة قابلة للترجمة من حيث هي ألفاظ وتعابير وبنى وتراكيب مكونة للغة والمعنى مرتبطة بالواقع غير اللغوي أو الأوضاع التي تستخدم فيها. ويبقى منهج المترجم محكوما باعتبارات تشمل تأثيرات السلطة والهيمنة أو بالمقابل المقاومة الثقافية في زمن العولمة المسكون بنوازع الهوية والأصل والمركز والهامش. وبذلك تفرض مقاربة البعد الثقافي المنقول عبر وعاء لغوي مضيف في رواية "أشياء تتداعى" التي اتخذناها مدونة لدراستنا -والتي تندرج ضمن أدب الرد بالكتابة الذي يسعى إلى الانتصار لثقافة مهمشة من خلال استخدام لغة الآخر بطريقة مبتكرة- تعاملا خاصا ومراعاة لطبيعة النص ومقاصد الكاتب في محاولة لخلق تأثير موازي لدى المتلقي بالمحافظة على جميع خصائص الأصل مع الضغط على اللغة الهدف حتى تعكس القيمة الثقافية للنص المصدر ليتحقق بذلك الدور الجوهري للترجمة كأداة فاعلة في التلاقح اللغوي والثقافي، فالتأثير والتأثر بين اللغات والثقافات ظاهرة صحية إلا في حالات الغلو والإسفاف. والغرض من الترجمة، في زمن العولمة التي تسعى إلى فرض نمط ثقافي واحد عن طريق تكريس سيادة بعض اللغات والثقافات، ليس تأكيد الاختلاف وترسيم الحدود بينها وإنما تحقيق تلاقح بناء يسمح بخلق فضاء هجين للمثاقفة في إطار صحي يتيح للثقافات المهمشة خاصة فرصة الوجود الإيجابي.