الخلاصة:
جسّدت بداية القرن العشرين ميلاد حركة يقظة فكرية وسياسية في الجزائر واصلت التعبير عن أشكال الرفض للوجود الاستعماري باستخدام الصحافة والعرائض والوفود والنشاط الجمعوي لتبليغ انشغالاتها مما جعلها تقدّم صورة واضحة للعمل السياسي الجزائري في خطواته الأولى خلال الفترة (1900-1925)، تحت تأثير عوامل داخلية (النخبة، ودور التعليم، وتوقف المقاومة المسلحة)، وخارجية (دور الهجرة، والجامعة الإسلامية وزيارة محمد عبده).
وقد تميزت الفترة المدروسة بظهور حركة الجزائر الفتاة التي شكلت الوفود للمطالبة بالحقوق السياسية بعد مشروع التجنيد لسنة 1908 ثم وفد سنة 1912 بعد أن أصبح التجنيد إجباريا حيث دخلت النخبة الجزائرية الليبرالية الممارسة السياسية بالتركيز على التمثيل النيابي، والحقوق السياسية والمطالبة بالتجنس والاندماج، والتمثيل النيابي للجزائريين كي يستطيعوا رفع الظلم. وفي ذات الوقت ظهرت النخبة المحافظة تدعو للحفاظ على الشخصية الجزائرية بمقوماتها الأساسية بالتركيز على التعليم العربي والاهتمام بالإنعاش الثقافي ومعارضة التجنيد استنادا إلى الدين والشعور الوطني، سواءً أكان ذلك مع الحقوق السياسية أم بدونها، ورفض التجنس والاندماج والانتخاب في ظل الجهاز السياسي الاستعماري، مما خلق تباينا في العمل السياسي الجزائري خاصة بعد ظهور الأمير خالد الجزائري الذي سينعش النضال السياسي بسياسة المشاركة منذ سنة 1913 في دعوته إلى التقارب بين الأهالي الجزائريين والفرنسيين مع التمسك بالأحوال الشخصية الإسلامية، والطرح الاستقلالي الذي تتضمنه عريضته إلى الرئيس ولسن مما سيهيء الأرضية للتنظيمات الحزبية الجزائرية في الفترة اللاحقة