الخلاصة:
حاولنا من خلال عملنا هذا الكشف عن ما يخفيه البعد المكاني - المساحي - من دلالات ثقافية تتحدد من خلالها الخصائص المميزة لنفس المجتمع المتطور في الزمان و المكان أو لمجتمعات متمايزة ثقافيا تعاقبت على المكان حاملة معها رصيدها الثقافي خاصة منه مركبه الديني. كما لا يخفى على المشتغل بدراسة مقابر فترات فجر التاريخ ما يتميز به هذا المجال من البحث من غياب لإطار مفاهيمي دقيق و نموذج تفسير منسجم يملك قدرة تفسيرية كبيرة. لقد كانت مقبرة السخونة بمنطقة بشار مثالا مناسبا مكننا من اختبار المناهج المعتمدة لدى الجغرافيين و كذا مناهج البحث الأثري و التي أكدت كفاءتها في الإجابة عن الإشكاليات المتعلقة بطبيعة توزيع المعالم الجنائزية و ما تحمله من دلالات ثقافية تعكس مدى أهمية المقابر في فهم الارتباط الروحي بالمكان و منه إعطاء ظاهرة الاستقرار تأويلا آخر غير الثبات في نقطة جغرافية، إذ يمكن أن يأخذ الاستقرار مفهومها أوسع. كما أن تنوع أصناف المعالم و التفاوت الجلي لكرونولوجيا ظهورها أثار إشكاليات أخرى حيث نجد أنفسنا أمام إمكانية تعاقب مجموعات ثقافية مختلفة، و كذا احتمال كوننا أمام ظاهرة تثاقف من خلال استقدام محتويات ثقافية خارجية.