الخلاصة:
سنحاول في هذه المقالة أن ندرس المسار الإبداعي لبوشكين ووظيفة المرتكزات المكونة له، التي تشتغل في الخفاء وداخل البنيات النصية. وسنبحث كذلك في عملية انتقال الآداب من فضاء إلى فضاء خصوصا وأن القرن التاسع عشر كان قرن التقاطعات الكبرى للآداب الإنسانية المهيمنة بكمها ونوعها. سنبحث في هذا السياق في القنوات التي كانت وراء انتقال الأدب الروسي خصوصا إلى فرنسا و انشغالات بروسبير ميرمي الذي تمنى كثيرا أن يلتقي ببوشكين بدون أن يتمكن من ذلك. فقد ترجم بوشكين من جهته الكثير من قصص ميريمي و نصوصا من الأدب الفرنسي مثل فولتير وباربي وشولي وبللیسون وغيرهم كثير . بالمقابل، نستطيع أن نقول إن اهتمام ميريمي ببوشكين كان كبيرا و استثنائيا. فقد كان معجبا بأدبه كثيرا وانتهي في الأخير إلى ترجمته واضعا يده على كل المكونات الثقافية، ليس الروسية وحدها ولكن كل ما يشكل المرتكزات اللامرئية لأدبه التي تشكل بنيته الأساسية والتي تعطيه تنوعه العميق والداخلي، إذ نجد علامات و آثارا من الثقافة الفرنسية والألمانية والإنجليزية والإيطالية في صلب نصوصه وربما كان هذا التنوع والقدرة على جمع هذه العناصر المتفرقة من ثقافات عالمية وتوليفها بقوة هي أساس قوة كتابات بوشكين. وقد اهتمت ترجمات بروسبير مريمي لبوشكين بكل هذه المكونات النصية الداخلية التي تجعل من فعل الترجمة فعلا قريبا من النص الأصلي وشبيها له وإلى روحه إلى حد بعيد. ولهذا فميريمي في هذا السياق ليس فقط ناقلا لمخيال الآخرين ولكنه هو نفسه أديب كبير يملك حساسية ثقافية كبيرة و متميزة و مسافر متمرس ومهتم بالآداب العالمية و منها طبعا الأدب الروسي في القرن التاسع عشر الذي ترجم منه الكثير، خصوصا أعمال بوشكين ما بين سنوات 1849 إلى 1870 ک : دام دو بيك، الغجر ، طلقة مسدس. وليس هذا التقارب بين هاتين العبقريتين الإبداعيتين إلا مظهرا صغيرا جعل جزء من أدب القرن التاسع عشر أدبا عظيما يعبر كل الحواجز ويصل إلى قرائه و يفرض إعجابه على المشتغلين به. فمجهودات ميريمي وبوشكين ماتزال إلى اليوم شاهدة كعلامة متميزة من علامات التواصل المثمر ما بين الثقافات الإنسانية العظيمة . В работе на основе анализа творчества А.С. Пушкина и П. Мериме прослеживается процесс становления русско-французских литературных контактов в начале XIX века. Анализ распространения и восприятия русской литературы за рубежом показывает, что взаимодействие русской литературы с литературой Франции было одной из самых ярких страниц этой истории.