الخلاصة:
الكل يتّفق على أن مهنة التدريس من المهن الأكثر حساسية، وأهميته، وصعوبة، فهي تتكفل بإعداد الأجيال وبناء المجتمعات، وصياغة العقول البناءّة المبدعة، وبناء الفرد ليس بالمهمّة، لأنّه الجسر الذي يربط المجتمع بمختلف التطورات العلمية، في مختلف مجالات التنمية. فمهنة التدريس تنمي الإطارات القيادية: سياسيا واقتصاديا، وتربويا، واجتماعيا، وعلميا. وطلبة اليوم هم من يقع على عاتقهم تولِّي إدارة المستقبل، خاصة منهم المدرسين، لذا تنظر إليهم نظرة المستثمر، ونتيجة لثورة المعلوماتية والتقنية، وثورة الاتصال، استدعت الحاجة إلى تطوير جميع عناصر منظومة التعليم وتحديثها، وتجويتها، حتى تستجيب لمقتضيات على الاهتمام الكبير في جميع دول العالم خاصة منها المتطورة؛ والجزائر كغيرها من الدول باشرت في هذا الاصلاح منذ مدّة، وانتقلت من مرحلة إلى أخرى ومن أصلاحات إلى أخرى، إلى أن تمّ أهم إصلاح في مجال البيداغوجيا والتعليمية حيث تمّ إقرار الإصلاح التربوي (2009 النصوص التنظيمية المديرية الفرعية للتوثيق ص 12-16). وتنصيب اللجنة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية وتعيين أعضائها في عام 2000، وتمّ تجسيد هذا الاصلاح ابتداء من الدخول المدرسي 2003-2004 حيث وضعت وزارة التربية الوطنية مناهج جديدة مبنية على التعليمية، والنهوض بها، واعتُمد في التدريس في كل المراحل التعليمية. * إلاّ أن ممارسات هيئة التدريس بمختلف تخصصاتها وواقع التعليم العالي، لازال يحتاج إلى إعادة نظر وتقص لإستدراك نقاط الضعف، وتعزيز نقاط القوة، وعلى هذا الأساس، تمّ اختيار موضوع الذي يتناول: مدى فعالية تكوين الطلب الأستاذ ولإعداده وأثر ذلك في إكسابه مهارات تنفيذ الدرس بالمدرسة العليا للأساتذة (القبة وبوزريعة) إشكالية الدراسة: تعتبر المدارس العليا للأساتذة من أهم القطاعات الحيوية، في مجال التربية والتعليم، وجب تطويرها حسب مقتضيات سوق العمل، وأي خلل أو قصور في إعداد المعلم عمليا، تربويا، باعتباره المحور الرئيسي في العملية التعليمية، وبما أن التقويم التربوي يصاحب العملية التعليمية، فإن الباحثة تناولت هذا البحث لإلقاء الضوء على واقع هذا الإعداد الذي يحتاج إلى ترشيد؛ لأن ملامح الضعف في مخرجات التعليم بالمدارس العليا للأساتذة ظاهرة في جودة نوعية مخرجات العملية التكوينية. كما يرى كل من (الزهراني 2009، الكبيسي، كيلافو 2012) أن الواقع يُشير إلى وجود عدّة اختلالات في المنظومة التعليمية الخاصة بإعداد الطالب الأستاذ؛ استشعرت الباحثة بضرورة عملية تقويم عملية التكوين لتطوير برامجها بما يؤهل الطالب لاكتساب مهارات تنفيذ الدرس ومما دفع الباحثة إلى هذا البحث نتيجة لدوافع عديدة، أهمها: 1- عمل الباحثة الميداني في تدريس الوحدات التربوية الموجهّة للتكوين التربوي للطلبة الأساتذة في المدرسة العليا للأساتذة - القبة- وذلك لمدة تفوق 30 سنة – مما مكّنها من الاحتكاك بالطلبة الأساتذة، ومعايشة التغيرات التي طرأت على مستوى التكوين والإعداد...الخ واطلاعها على البرامج التربوية والتغيرات التي طرأت عليها...الخ، كل هذا وغيره جعل الباحثة تستشعر وأن هناك حاجة ماسة لإجراء هذا البحث. 2- الاطّلاع على بعض المقرّرات الجامعية الأخرى –في علوم التربية وعلم النفس- (على سبيل المثال – فرنسا، مصر والمغرب) أوضح وجود ثغرات على مستوى مقرراتنا وطرائق تدريسها ...الخ. 3- الاطّلاع على بعض الدراسات السابقة لبعض الدول العربية والأجنبية، وملاحظة نقائص وثغرات في مناهجنا وفروق بيننا وبين ما يُدرّس في هذه الدول من حيث البرامج وطرائق تدريسها....الخ. 4- معاناة الباحثة كأستاذة (سواء في المحاضرة، أو في حصص التطبيق على مستوى البحوث) لضعف المستوى التربوي النفسي للطالب الأستاذ، وعدم اهتمامه بهذا التكوين رغم ضرورته مقارنة مع الإعداد العلمي بل وعدم وعيه في كثير من الحالات وعند معظم الطلبة بأهمية وضرورة هذا التكوين. 5- رغم أهمية عملية التربص (خاصة لما لها علاقة وطيدة بمهارات التدريس على مستوى مرحلة التنفيذ من العملية التعليمية) إلا أنها تعاني من ثغرات ونقائص كبيرة مما يعيق تحقيق أهدافها. 6- مسايرة للإصلاحات التربوية البيداغوجية على مستوى المنظومة التربوية الجزائرية، في مختلف مراحل التعليم، خاصة فيما يخص –مقاربة التدريس بالكفاءات-، وما تعانيه هذه المقاربة من ثغرات، ونقائص وفروقات في تطبيقها...الخ ممّا يجعلها في حاجة إلى دراسات ميدانية –على مستوى الواقع التعليمي المعايش- حتى تُعزّز بما يرقى بها إلى المستوى المطلوب الذي يحقق أهدافها. ويقدم البحث إلى القارئ من خلال فصول نظرية وأخرى ميدانية بحيث يشمل الباب الأول الجانب النظري ويضم ثلاثة فصول: الفصل الأول التمهيدي: يتناول الإشكالية والفرضيات وأهداف البحث ومفاهيمه بالإضافة إلى الدراسات السابقة وختم الفصل بتعقيب عن هذه الدراسات ثم تحديد موقع الدراسة الحالية منها. - الفصل الثاني: يتناول من خلال التعريف بتنظيم وسير ع