Abstract:
ارتكازا على أساس، أنّ الطفولة مرحلة حساسة في حياة الفرد ومحورية في ذات الوقت؛ باعتبارها محطة أساسية في مساره النمائي، وحلقة مفصلية في سلسلة تكوين شخصيته بكل أبعادها النفسية والاجتماعية والتربوية، ومادة هشّة مقارنة بباقي الفئات العُمرية، وأنّ حجم التأثير الذي يطال الطفل تحت سقف الحرب والمفرزات التي تنسحب على حياته بسببها يكون أقوى حدّة وأشدّ ثقلا من وقعها ومفرزاتها على غيره من الفئات العُمرية، توجّه اهتمامنا لمعالجة اشكالية بحثية تحتل مكانة محورية في حقل البحث المتعلّق بالأمن الصحي المادي والمعنوي للطفل، رأينا أن نسهم بمباحثتها رغبة في إثراء الاشكالية التي طرحها القائمون على الملتقى الدولي تخليدا لروحي الفقيدين الأستاذ الدكتور عبد العزيز لعرج والأستاذ الدكتور محمد الحبيب بشاري بما يتناغم والمحور الثالث من المحاور المقترحة على أهل البحث قصد إثرائها، وسمناها بـ: الطفولة بالمغرب الأوسط في العصر الوسيط بين مطرقة الحرب وسندان المسغبة "رؤية في تداعيات الإزم وجهود المعالجة". ونحن إذ نأمل إماطة اللثام في حدود الإمكان عن طبيعة المخلفات التي تفتك بصحة الطفل جراء أثقال الحروب التي شهدها المغرب الأوسط على مدار العصر الوسيط وما يصاحبها ويتذيّلها من مساغب وإزم غذائية ومجاعات وأوبئة، وننبش بما أُتيح بين أيدينا من مادة خبرية في جهود النخب بكل أطيافها سياسية أو ثقافية أو دينية للتخفيف من وطأتها على حياته، وتطبيب أوجاعه وتضميد الجراح التي شابت حياته بسببها، ونعاين مدى فعالية ذلك الجهد في تأمين صحة الطفل، ونستتبع مظاهر الجهد التكافلي الذي اصطبغ به الفعل الاجتماعي زمن المسغبة وبين جناحي الأزمة ونقف على صور حية ونماذج ناطقة بذلك، نعتقد أنّ الإجابة على جملة من التساؤلات المطروحة من شأنه أن يُفصح عن غاياتنا من مفاحصة هذه الاشكالية بشكل أقوى وصورة أدق: فإلى أيّ حدّ تأثّر الطفل تحت سقف الحرب وبين أنياب المسغبة؟ وما طبيعة الآثار التي خلّفتها على حياته بكل مناحيها؟ وفيما تمثّل جهد النخب لتحقيق أمنه الصحي بكل أبعاده؟ وإلى أي حدّ تعايش المجتمع المغرب أوسطي بشكل عام مع أجواء الاضطراب وضروب الحرب التي كانت علامة بارزة على امتداد المسافة الزمنية المؤطرة للعصر الوسيط والطفل بشكل مخصوص؟