Abstract:
كما يبدو من العنوان، موضوع هذا البحث تَمَحْوَرَ حول على علاقة مُتغيري الكتابة الشاهدية بالذاكرة الجماعية، وحيز هذه الدراسة فيه خصّ بعض مقابر مدينة سيدي بلعباس كنموذج لمقابر أخرى. العمل هذا تمفصل على عدد من المباحث التي انتهت إلى محاولة الربط السوسيو أنثروبولوجي بين الكتابة الشاهدية والذاكرة الجماعية، في هذا السياق كانت العودة بداية للتأصيل الأنثروبولوجي لحدث الموت باعتباره ليس مجرد حدث فيزيولوجي، وإنّما هو حدث كائن ذو رموز، ومعطى بشري وثقافي عام والقدر النهائي لكلّ البشرية، لننتقل بالبحث إلى محاولة الربط بين حدث الموت والكتابة من خلال مختلف الطقوس والممارسات والمعتقدات والتعابير والتصورات، التي ارتبطت به ومنها فعل الكتابة كآلية استحدثت ضد النسيان وكفعل للاستذكار والتذكر. في إطار ذلك تبدو الكتابة الشاهدية ذات أهمية كبيرة مثلما تتعدد رهاناتها عند المجتمع المبحوث، فالشاهد ومن خلاله القبر والكتابة هي وثائق مهمة أثريا وفنيا وتاريخيا، مثلما هي مهمّة أيضا من الناحيتين السوسيولوجية والأنثروبولوجية، فالمقبرة دوما فضاء للاتعاظ، مثلما هي فضاء للذكريات، وتبقى أحد أهم رهانات الكتابة الشاهدية من على القبور الموجودة بها عند مجتمع سيدي بلعباس كنموذج لهذه الدراسة، اعتباره لها كآلية مهمة للتذكر والتواصل الاجتماعي بين الحي والميت وترك ذكراه قائمة. عموما يبقى النص الشاهدي متضمنا لرموز المجتمع المحلي وثقافاته مثلما هو حامل أيضا لرهاناته في التواصل والتذكر، فالكتابة الشاهدية في تمثلات هذا المجتمع تبقى أهم آلية ضد النسيان، مثلما هي المحدد لهوية الميت والرابط بذكراه.