Abstract:
تلمسان؛ مدينة جمعت بين الطبيعة والعمران والحضارة، بالإضافة إلى كونها قفلا لبلاد المغرب على حد تعبير "الإدريسي"، إذ أنّها تتموقع في ملتقى طرق مدن عديدة، والحقيقة أنّ جمال المدينة الذي جعلها عروسا بين جاراتها لا يكمن في طبيعتها وحسب، بل تُسهم المعالم الأثرية في نسبة كبيرة منه، وهي تجمع بين عراقة المعمار الإسلامي وأهمية الإرث التاريخي. إنّها سجل مادي لتاريخ عائلات حاكمة وعلماء ومتصوفين ومشاهير في مختلف المجالات، ولعل الأشهر من هؤلاء عند عامة الناس هو أبو مدين شعيب، هذا العالم الذي جاء من بجاية عابرا تلمسان (القفل) إلى بلاد المغرب الأقصى، فاختاره القدر ليسكن تحت ترابها، فصار رمزا لها، فمن يجهل شخص الشيخ ومآثره، لن يجهل مَعلمه الذي يستقطب الزّوار من شتّى أنحاء الوطن؛ إنّه مسجد العباد الذي جمع بين القيمة التاريخية للشيخ والقيمة المادية للمعمار، وهذا ما سأسعى إلى تتبعه في هذا البحث الميدان.