الخلاصة:
ظهر المشكل الموريسكي بإسبانيا - خلال عهد الملكين الكاثوليكيين - و ارتبط بمعطيات سياسية و اقتصادية و اجتماعية، حددت مسار السياسة الإسبانية تجاه الجالية الإسلامية بها. فإسبانيا كانت تبحث بقوة عن وحدتها السياسية متخطية بذلك كل الحواجز التي تعوق هذه الوحدة بروز البحارة الشرقيين و الموريسكيين، الذين اعتبروا قوة بحرية جديدة في الفضاء الجغراسياسي للبحر الأبيض المتوسط الغربي في بداية القرن السادس عشر؛ و هو الأمر الذي مكنها من مجابهة و محاربة إسبانيا، و مديد المساعدة للأندلسيين داخل إسبانيا. و من هذا المنطلق وضعت المملكة الإسبانية آلية احتواء و احتلال سواحل و موانئ المغرب الأوسط. إن النجاح الذي حققه خير الدين قد أكسبه سمعة وهيبة لدى الجزائريين و الموريسكيين الأندلسيين على حد سواء، أما السلطان سليمان القانوني (1520-1566م). الذي اتصل بلائحة شكاوي من الموريسكيين، فقد سارع بإرسال فرمان إلى خير الدين يأمره بالتحول إلى اسطنبول للمشورة و مناقشة موضوع إنشاء أسطول عثماني و إمكانية تدخل الدولة العثمانية في غرب البحر الأبيض المتوسط. و أدرك السلطان سليمان القانوني جيدا خلفية و أهداف السياسة الإسبانية في المغرب العربي، و وضع الموريسكيين، و وجوب العمل على تقوية الوجود العثماني في البحر المتوسط الغربي، و هذا وفقا للإستراتيجية العسكرية التي يسعى خير الدين إلى تنفيذها و تحقيقها. و بعد استرجاع قلعة البنيون سنة 1529م. من يد الأسبان - و هو الأمر الذي كان وراء إرساء الوحدة السياسية و الإدارية لأيالة الجزائر ، و النقطة المركزية في الصراع بين الدولتين، العثمانية و الإسبانية - أصبح يطلق على أيالة الجزائر اسم (مسرح الحروب)، و نعتها بالقاعدة الخلفية في الجناح الغربي المتوسطي للدولة العثمانية. إن استقرار الحكم العثماني بالجزائر، و (عثمنة) فضاء المغرب الأوسط. و تزايد عمليات الجهاد البحري، أدى إلى تغيير الخارطة الجغراسياسية لمنطقة البحر المتوسط الغربي، ليصبح الصراع العثماني - الإسباني ذا أبعاد عالمية، و بموجبه أصبحت أيالة الجزائر محورها الرئيسي، و خاصة بعد تدفق تيار الهجرة الأندلسية على سواحل شمال أفريقيا، و الدور الفعال الذي قامت به البحرية الجزائرية - العثمانية في عمليات الإنقاذ.