Résumé:
من غير الممكن تجاهل دور الدين في المجتمعات العربية الإسلامية، يتضح ذلك من حجم التداخل بين الإسلام والمجتمع، وكذلك فإن تأثيره على سلوك الفرد ووعيه أكبر من أية إمكانية لتجاهل المسألة، هنا لا يستقل الدين كحقل متميز له مفاهيمه ورأس ماله الثقافي والرمزي الخاص به، وإنما يصبح بنية فوقية لها امتداداتها في النسق الاجتماعي ككل. لا يعد الدين شأنا خاصا فحسب، بل له حضور في المجال العام، وهو حضور لا يفرض ذاته بوصفه فعالية مستقلة أو ذات متعالية مجردة، بل يكمن في تحويله من نسق عقائدي متعال بما هو حالة روحية إلى عقيدة سياسية أو ايدولوجية للأحزاب السياسية، كما هو الحال مع تيارات الإسلام السياسي في المجتمعات العربية، الأمر الذي يعني مأسسة المقدس والرموز الدينية وتوظيفها في الحقل السياسي، مما يعطل منطق انفصال الحقول الاجتماعية كتجسيد لسيرورة الحداثة، ويصبح الحقل السياسي وكافة الترتيبات الاجتماعية الأخرى تابعة للحقل الديني، وعليه فإن ثمة تداخل بين المجال الديني والسياسي والاقتصادي والتعليمي والمعرفي ولا يوجد تعيين أو تحديد لهذه المجالات. تتبنى نخبة الإسلام السياسي التي تؤمن بالعمل السياسي كسبيل للوصول إلى السلطة وإدارة شؤون الدولة والحكم مقولة عدم انفصال الحقول وتمايزها، باعتبارها أن الرؤية الإسلامية لا تعرف فكرة تقسيم العمل الاجتماعي، بل تتأسس الأدوار الاجتماعية للفاعلين على مقاصد الشرع.