الخلاصة:
إن التحول الذي أدخلته المسيحية في المجتمعات القديمة لا يتمثل في المعتقد وتغير الدهنيات فحسب، بل نتج عن ذلك سلوكا اجتماعيا واقتصاديا جديدين على مستوى المدينة، فتشييد بازيليكاأومعمدية هو فعل اقتصادي مثلما واجتماعي لأن عملية التشييد تتطلب جمع الأموال وتنظيما معينا كما تطلبت العناية بتسيير شؤون هذه البازيليكا هيكلة جديدة لم تكن موجودة في المدن الرومانية التقليدية.وإذا كانت أساليب الإهداءات العمرانية قد سمحت للطبقة الأرستقراطية بتخليد فعلها على مستوى المدن، فيبدوأن البازيلكا قد بدأت تحتضن هدا النشاط، ليصبح القس أورجل الدين هوالشخصية الأكثر حضورا في هذه النصوص الأثرية، وبالتالي فهذا النفوذ الاقتصادي المتعاظم للبازيليكا، لم يكن وليد عملية إنتاجية للمصادر المادية، وإنما هونتيجة تحويل المصادر المادية التي كانت تصب في مجالات عمرانية أخرى، الأمر الذي انعكس على الهياكل العمرانية التي يمكن وصفها بالوثنية مثل المعابد، الحمامات ...الخ .وعموما يمكن استخلاص أن البازيليكات لم تعوض المعابد في نفس المساحة العمرانية، وإنما لعبت دورا أساسيا في إعادة هيكلة المدينة وإعادة ترتيب مراكزها: فمثال مدينة جميلة" موضوع الدراسة"، يكرسان هذه الرغبة في نقل مراكز التجمع السكاني من الساحات التقليدية إلى"الحي المسيحي"،كما يمكن الإشارة إلى الدور الكبير الذي لعبه الخطاب المسيحي في نقل الثروات من المجالس المحلية أوالعائلات الأرستقراطية إلى البازيليكا، حيث أصبحت عملية توزيع الثروات والرعاية الاجتماعية تتم ضمن هياكل البازيليكاأكثر من الأطر البلدية التقليدية.